منتديات أنيدرا الدراما الكورية و اليابانية



الملاحظات

الروايات والقصص المكتملة الرّوآيات والقصَص آلمُكْتمِلة لأنيدرا

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-10-2012, 02:58 PM   رقم المشاركة : 14
Miss HE
أنيدراوي متميز
 
الصورة الرمزية Miss HE





معلومات إضافية
  النقاط : 60201
  الجنس: الجنس: Female
  علم الدولة: علم الدولة Saudi Arabia
  الحالة :Miss HE غير متصل
My SMS " سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنةَ عرشه ومداد كلماته "


أوسمتي
رد: - ليلة خسوف القمر - رواية بـ قلمي







لـ التو قد خرجت من مكتب والدها الذي يـُصرّ عليها أن تعمل معه فقد نالت مايكفي
من الراحة .. فشلت في إقناعه بأن تبقى لشهرٍ آخر لذا خرجت بإحباط تبحث عن عذر
تقدمه له حين يطلب منها القدوم غداً للعمل ..


أخرجت هاتفها حين إرتفع رنينه وكان رقم لا تعرفه ..

تناها إلى مسمعها صوتٌ لم ترغب بسماعه أبداً ..

"لقد أخذتُ رقمكِ من ايون .. المهم لا تعتقدي أنني إتصلتُ شوقاً لصوتكِ أو محبةً لكِ ..
شخصٌ مثلك لا أرغب بسماع صوته حتى مماتي .. "


إٍستغربت غيوري الإندفاع الشديد والكلمات الكثيرة التي سمعتها في ثانيتين ..

بملل سألت : و مالذي تريدينه .. ؟!

" هل أخبركِ سرّاً .. ! .. أعرف شخصاً منذ طفولته كان لا يبكي حتى لو تعرض لضربٍ مبرح ..
كان مـُكابراً يـُخفي ألمه دائماً .. منذ عرفته قبل 15 عاماً لم أرهـ يبكي سوى في مرّتين فقط ... "

وصمتت تنتظر رداً من غيوري التي كانت تحاول كتم
فضولها بقولها : لستُ مهتمةً بقصص طفولتكِ آنسة هيونا ..

" حين توفي والدهـ بكى لأوّل مرة .. والمرة الثانية يجب أن تعرفيها بنفسكِ ..
فأنت السبب غيوري .. "


حافظت غيوري على هدوئها رغم صدمتها من كلمات هيونا ..
ببرودٍ قالت وهي تخرج من الشركة بإتجاهـ مواقف السيارات : وما شأني أنا !!
" لم أتخيل يوماً أنني سأقول لفتاةٍ أخرى هذا الكلام لكن للأسف شاان يحبكِ حقاً ..
وأعلم أنكِ تحبينه .. رجاءً لا تستمري بتجاهله فأنتِ لا تستحقـّين شخصاً مثله .. "


أنهت هيونا المكالمة دون أن تزيد حرفاً ..

بينما توجهت غيوري نحو سيارتها وركبت
وهي تـُتمتم : الشيء الجيد الوحيد الذي إستفدته منه قيادة السيارة ..

قيادة السيارة جلب لها ذكرياتٍ من عهدٍ قريب .. حين علـّمها القيادة ..

توالت أحداث ذلك اليوم بكامله أمامها .. حين إصطحبها للحفل ..

حين إتـّسخ فستانها وخرجت لتوصله لمغسلة الملابس ..

وأخيراً حين عاد ثملاً في منتصف الليل وأعلن أنه لا يريد الزواج من فتاةٍ كـ أخته ..

وضعت يدها على جبينها تتحسسها : كم مرّ على ذلك !! لماذا لا يزال الحديث عنه مؤلماً ؟! ..


**

بكامل أناقتهن جلستا خلف مكاتبهن ..
لوفرة الوقت لديهن بدأن بالثرثرة لتمضيته حيث إبتدأت إحداهن حديثهن : تعنين الرئيس !!
أنا أيضاً حاولتُ لفتَ إنتباهه لكنه ليس من النوع الذي يلتفتُ لأمثالنا ..
" أصبحتُ أستيقظ قبل وقتي المعتاد بـ ساعة كاملة حتى أكون بكامل زينتي
إلا أنه يمر دون أن يفكر بإلقاء نظرة على موظفي الإستقبال ... "

إلتفتتا بفزع حين ضرب شيءٌ ما الطاولة ..

" ألن تتوقفن عن الثرثرة في نفس الموضوع ؟! منذ ستة أشهر ليس لديكن حديث غيرهـ .. "
عادتا تجلسان وقالت إحداهن : لنكن صادقين .. إنه أفضل مظهر لـ رئيس مرّ على الشركة ..


فتحت الأخرى ملفاً تعمل عليه وهي تقول : لكن الأسوءَ أخلاقاً .. لم أرهـ يبتسم قطّ في وجه إمرأة ..

عادت الأولى لتقول : هل تعتقدين أنه مصاب بــ داء كرهـ النساء ؟!
" وماهذا أيضاً ؟! .. "
" لا أدري .. فقط أقول أنه ليس من النوع الذي يفضـّل النساء ...
وإلا كيف يمر كل يوم من هنا دون أن يلقي
حتى نظرة خاطفة على الغبية التي تتأنـّق كل يوم !! "


" هاقد ألقيتُ نظرة .. هل هذا كافي .. ! "


وقفتا بفزع يتبادلن النظرات وقد إصطبغت وجوههن باللون الأحمر من شدة الإحراج ..
فـ الرئيس قد سمع ما قالوهـ عنه ..

بينما خلفه مساعدهـ قد غطـّى فمه حتى لا يرتفع صوت ضحكه ..

أحنين رؤوسهن بإحترام بينما قال : إن إستمرّ حديثكم عنـّي فسأضطر لوضع رجال مكانكم ..


عاد يرتدي نظارته السوداء ومشى ليخرج من الشركة بهدوء دون أن
يزيد حرفاً على سخريته السابقة ..


**


خرجت من غـُرفتها على صوت أمها التي كانت تناديها : غيوري إنزلي لمساعدة هان
في تجهيز العشاء ..

نزلت بتذمـّر : لماذا يفعل ذلك بنفسه ؟! .. وأين السيدة مورا ؟! ..
وصلها صوت والدتها من داخل الغرفة : أسرعي ودعي التذمر ..

وقفت تراقب هان وهو يرتب بحماس وسألته بسخرية : هل ستأتي خطيبتك ؟! ..
نظر إليها سريعاً وأشار لها أن تنزل : جيد أنكِ أتيتِ .. أيهما أفضل اللون الأبيض أم الأزرق ؟! ..
ألقت نظرة على مفرش الطاولة : الأزرق أفضل فهو يبدو غير مألوف ..
صفق هان بيده متحمساً : حسناً سأعتمد الأبيض ..

ضحكت وهي تضربه : وغد ..
ضحك هو أيضاً : وأخيراً رأيتكِ تضحكين .. حسناً سأعتمد الأزرق .. أسرعي وإستعدي أنتِ أيضاً ..

أومأت برأسها وهي تصعد : حاضر سيدة مورا ..



* بعد ساعة كانت تجلس في الصالة في إنتظار ضيف هان ..

وقفت متفاجأة حين دخل كيفن برفقة أخيها الذي خرج لإستقباله ومعهم جوان ..
إتسعت إبتسامته وهو يتوجه نحوها ثم ينحني لمعانقتها : كيف لكِ أن تختفي دون أن تودّعيني !!
مدّ إليها بصندوقٍ صغير : مرور ستة أشهر على تخرجكِ لا تـُعفيني من تقديم الهدية والمباركة لكِ ..
أخذته وهي تومئ برأسها : شكراً لك ..

**

بخطواتٍ ثابتة كان يمشي يتبعه أربعةُ رجال والأقرب كان يحمل بيدهـ ملفاً قائلاً : لديكَ غداء عمل
هذا اليوم مع السيد ( يان مافيلا ) مدير شركة ( إليانز )

فتح أحدهم باب السيارة ليركب وأغلقه خلفه بينما أحنى البقية رؤوسهم حتى إبتعدت السيارة ..

في أحد المطاعم الراقية في العاصمة الفرنسية باريس ..
كان يجلس بـ برود يتأمل الرجل ذو الشعر
الأبيض والذي كان يقرأ في قائمة الطعام ثم سأله : أنصحك بتجربة هذا الطبق ..
أومأ برأسه موافقاً : حسناً سأجربها ...


خرج بعد أنهى الغداء وعاد للمنزل ...
دخل يعبر الممر الطويل المؤدي للصالة الفسيحة
ثم إرتمى على أقرب صوفا ..

" أحسنت عملاً بـُني .. "

أزاح يدهـ عن عينيه ليرى والدته تقترب وتجلس بجانبه ..
إعتدل جالساً لتقول : لقد إتصل بي السيد يان مافيلا
وأخبرني أنه حصل على وقت جيد معك .. هذا يعني أنه ينوي الإستثمار معنا ..

أومأ برأسه : آهـ حقاً !! جيد إذن ...
لم يعجبها ردّهـ الغير مكترث .. حاولت تغيير الموضوع بقولها : هل ترغب في مرافقتي
لإجتماعٍ صغير هذا المساء ؟! ..
هزّ رأسه بالنفي وهو يقف : سأصعد لأرتاح ...
راقبته وهو يصعد : و إلى متى شاان ؟! ..


**

* مرّت فترة من جلوسهم كانوا يتبادلون خلالها أحاديث كثيرة كانت
غيوري تلتزم الصمت وتراقب كيفن فقط ..
بعد أن جلس الجميع لتناول العشاء تعمدت أن تجلس بجانبه ..
همست له : أريدك في موضوع ..
أومأ برأسه إيجاباً وأكملوا عشائهم .. إنتهيا قبل الجميع ونهضا ليجلسا في الحديقة
وتفاجأت حين سألها هو : كيف حالكِ مع شان سونغ ؟! ..
" لماذا تسأل عنه ؟! .. "
" لأنني لم أتوقع أن يقع في غرامكِ شخص غير صيني .. "
ابتسمت بسخرية : توقف عن الثرثرة ..
ضحك هو بمكر : هل تخجلين من التحدث بهذا الأمر ؟! ..
هزّت رأسها نافية : كلا .. بل لا أحب التحدث بشيء غير صحيح ..
" ماهو الغير صحيح ؟! .. "
نظرت إليه بجمود : توقف كيفن .. لقد سمعت حديثك معه ..
لم يستوعب كيفن كلماتها بعد : أي حديث ؟! ..
" لا تتصنع الجهل .. أنت تذكرهـ جيداً .. "


" هل من عادتكِ إستراق السمع !! .. حسناً أنتِ سمعتيه .. مالذي يـُزعجكِ إذاً ؟! .. "
صرخت به غاضبة : هل تمزح معي ؟! ...
وماذا بإعتقادك سيزعجني غير أنه إستغلني ليحظى بالشهرة ؟!..

ضاقت عيناهـ وهو يراقب وجهها المنفعل ..
سألها بإستغراب : هل هذا كل ما تذكرينه ؟! هل نسيتِ باقي حديثنا ؟! ..


صدّت وجهها وهي تقول : لقد إبتعدت بمجرد أن سمعت تلك الكلمات القبيحة ..
لم أرغب بسماع المزيد ..


وقف كيفن بصدمة من تفكيرها ..
فتح سترته بعد أن شعر بالضيق و وضع يديه على خصرهـ يزفـُر بقوة ..

نظر إليها يحاول كتم إنفعاله : إذاً غادرتِ مع كل تلك الأفكار السيئة عن شان سونغ ؟! ..
إسمحي لي أن أقول أنتِ غبية ..


ضحكت بمرارة وهي تقف : أعلم ..
ومشت بإتجاهـ المنزل لكنها توقفت حين قال كيفن

مـُكملاً كلامه : ياحمقاء شاان يحبكِ أكثر من نفسه ..
لو أكملتِ إستراق السمع لما كنتِ أمامي الآن ..

لو كنتُ أعلم أنكِ بهذا الغباء لقمت بتسجيل حوارنا لتسمعي التكملة بنفسك ..





**


في أحد الفنادق الفرنسية الراقية .. وفي صالة الطعام تحديداً
حديث مـُلفت دار بين إحدى الموظفات وبين أحد نـُزلاء الفندق ..
حيث قالت الموظفة : حتى لوكنتِ تسكنين في نفس الفندق .. الطعام هنا ليس مجانياً ! ..
" إذن إستدعي مدير الفندق وإجعليه يدفع ثمن الطعام ... "

" ماذا ! هل تمزحين معي ! ..وكيف له أن يدفع ثمن أكلكِ !! .. "

بـ فم ممتلئ بالطعام قالت : صدقيني سيدفعها ..
تأملت بإستغراب تلك الجالسة تأكل بشهية : لن أصدقكِ .. فقط إدفعي ثمن طعامكِ حالاً ..

" ناديه أنا سأقول له أمامكِ أن يدفع ثمنه .. "
بغضبٍ حاولت كتمه : أرجوكِ توقفي عن المزاح حالاً ..


" لما صوتكِ مرتفع ؟! "

إستدارت الموظفة تنظر لـ الرئيس الذي يقف خلفها ومعه مساعدهـ وبعض مسؤولي الفندق ..

أشارت الموظفة بيدها لـ فتاة تجلس على الكرسي وقالت : ترفض دفع ثمن طعامها ..

ألقى نظرة على الفتاة التي تجلس موليةً ظهرها إليه وقال : لماذا ترفض ذلك ؟!

الموظفة بإحراج : لا أدري .. ! تقول أنها تسكن هذا الفندق ويجب أن يكون طعام النزلاء مجانياً ..

إقترب حتى أصبح فوق رأسها تماماً ثم قال رافعاً صوته : هذه ليست جمعية خيرية ..
إدفعي ثمن طعامكِ ولا تعودي هنا مجدداً إن كنتِ ستفعلين هذا ..


وضعت يدها على قلبها تحاول تهدئته وهي تتجاهله ..
حين لم يجد أية إستجابة منها إلتفت إلى مساعدهـ : إطلب رجال الأمن لـ يرموها خارجاً ..

بصوتٍ منخفض تمتمت : يالكَ من وغد !
لم يسمعها جيداً .. إنخفض يسألها : عفواً ماذا قـ .....

لم يـُكمل فقد رفعت رأسها سريعاً وطبعت قـُبلة على خدّهـ
وهمست بعدها : آسفة أيها الرئيس لا أملك ثمن الوجبة ..


رفع رأسه مـُتفاجأً .. إتسعت عيناهـ بصدمة أشد من صدمة الموظفين الذين كانوا يتابعون
الموقف منذ بدايته ..


وقفت تنظر إليه من خلف نظارتها السوداء : أنا حقاً أنفقتُ كل مالي ..
بملامح تدل على عدم الإستيعاب ضلّ يحدّق بها ..
كان يحمد الله أنه يرتدي الكثير من طبقات الملابس وإلا رأت نبضات قلبه التي تفضحه ..

ملامح وجهه تـُخيفها بشدة .. رغم أن الغضب لم يكن واضحاً إلا أن الجمود في تعابيرهـ
هو أكثر ما يخيفها .. مشى بتجاهلٍ تام عائداً لمكتبه بينما بقيت هي مكانها بصمت ..

في هذه اللحظة فقط تتمنى لو أن الأرض تنشق وتبتلعها .. فقط تريد ذلك ..
بقيت تـُشتت نظراتها بعيداً وتدعو الله أن لا تنزل تلك الدموع التي حبستها طويلاً ..

يـُداهمها شعورٌ بالندم فهي لم تتوقع أن تكون ردّة فعله هكذا ..

سخرت في نفسها

" وهل إعتقدتِ أنه سيأخذكِ في حضنه بمجرد رؤيتكِ .. ؟! " ..

زفرت تطرد رغبتها في البكاء وأسرعت خلفه ..
توقفت أمام مكتبه .. طلبت من الموظفات أن تدخل لأمر عائلي ..
لكنهن رفضن إدخالها بدون موعد مسبق ..

إضطرّت للنزول لتنتظرهـ في الأسفل لكن كان هناك شيء ينتظرها ..

فعند نزولها فاجأتها الموظفة التي كانت معها في المطعم بقولها : يجب أن تحزمي أغراضكِ
للخروج الآن من الفندق ..


بدهشة سألتها غيوري : حجزت ليومين !!
أومأت الموظفة برأسها : أعلم .. لكن الرئيس أمر بإخراجكِ وإعادة باقي المال إليكِ ..

**

دخل ليجدهـ يقف أمام النافذة يعطيه ظهرهـ ..
تنحنح يجلب إنتباهه ليستدير وينظر إليه بهدوء صامت ..
" أيها الرئيس .. لديك موعد الآن .. لنغادر ... "
أخذ سترته وخرج من المكتب خلفه مساعدهـ ..
نزلا وخرجا بإتجاهـ السيارة التي كانت بإنتظار الرئيس ..

" إنتظر لحظة ... "
توقف حين سمع أحدهم يتحدث إليه ..

رآى غيوري تقف مع حقيبتها خارج البوابة ..

نظر إلى وجهها منتظراً أن تتكلم ..

إقتربت ببطء و بعد تردد شديد قالت وهي تراقب وجهه الهادئ : آسفة شاان ..
لم يسبق أن وصلتُ إلى هذا المستوى المتدني من الغباء لكنني وصلته بالفعل ..


لاحت إبتسامة ساخرة على شفتيه ولم يتفوّهـ بحرف رغم أنه أوشك على القول بـ " أعلم ذلك .. "

أكملت غيوري بنبرة أسفٍ واضحة : لم أرغب بأن أعود إليكَ بالدموع والندم ..
فقد بكيتُ في الفترة الماضية بما يكفي لأن أبقى طوال حياتي بدون بكاء ..


عقد حاجبيه بضيق .. فـ لم يتوقع أن تكون قضت كل تلك الأيام بكآبة ..

و وجهها الشاحب الذي أصابته الهالات السوداء تخفيها خلف نظارتها أكبر دليل على كلامها ..
أبعد عينيه عنها حين فـُتح باب السيارة وظهر مساعدهـ يقول : بقي على الموعد عشرين دقيقة ..

عادت تقول سريعاً لإستدراك الوقت : آسفة لأنني قلتُ تلك الكلمات في الحفل ..
كنتُ أنوي إغاضتكَ بها .. أنتَ تعلم أنني لم أكن أعنيها حقاً .. !


* تلك الكلمات هي ما أتعبته حقاً .. مجرد تذكر تلك المحادثة في يوم تخرجها
تصيبه بالإختناق .. خطى بهدوء نحو السيارة دون أن يعطيها أي ردّ على كلماتها ..
حاولت منع نفسها من البكاء بكل جهدها لكنها لم تتمكن من ذلك حين رأته يبتعد
بخطواته ببرودٍ شديد حتى خـُيـّل إليها أن أمامها قالب ثلج ..


بصوتٍ خالطه البكاء قالت : أنتَ تـُجبرني على البكاء مجدداً أيها القبيح ..


راقبته وهو يركب السيارة بتجاهلٍ تام ..
تهاوى بعدها جسدها لتجلس على الأرض
وتمتمت من بين دموعها : ليس معي مايكفي لإستئجار غرفة أخرى !!

لم تهتم لنظرات الناس المستنكرة جلوسها على أرض الشارع بهذا الشكل ..
فقط غطـّت وجهها بيديها وإنخرطت في بكاءٍ حزين ..

لم يكن القدوم إلى هنا بعد كل هذه الفترة ومحاولة مقابلته بطريقة بعيدة عن الحزن بتلك السهولة ..
فهي جاهدت نفسها بكل ماتملك من قوة حتى تتجرأ على رؤيته بعد أن عرفت بكل ما فعل لأجلها ..

لكنه في النهاية لم يتقبل عودتها .. كان عليها أن تتوقع ذلك منذ البداية ..
فهي من أساءت له بكلمات قاسية آذته كثيراً وصدّته أكثر من مرّة ..
لذا هي ليست تبكي لأن شاان تجاهلها فهو يملك كل الحق في ردّة فعله ..
هي فقط تبكي غبائها لأنها شكـّت بـ شاان منذ البداية ..





* في مكانٍ بعيد حيث يجلس في المقعد الخلفي لسيارته التي إبتعدت عن الفندق ..
صدّ عن النافذة وهو يبتلع عبرته مسنداً رأسه للخلف .. أغمض عينيه يريد التوقف عن التفكير بها ..
لازال صوتها يرنّ في اذنه .. رغم أنها إعتذرت له لكنه لم يستطع تقبل عودتها بسهولة ..


**


بعد أن حلّ المساء كانت هي تجلس في أحد المقاهي متوسطة المستوى ..
أخرجت هاتفها وهي تـُتمتم : لم يكن علي السفر بدون موافقة والدي ..
هاهو مالي أوشك على النفاذ ولن يرضى بأن يبعث لي بقرشٍ واحد لغضبه مني ..
آسفة أبي سأعود بعد أن أتحدث مع شاان ..




* في مكانٍ آخر .. كان يجلس في مكتبه مع أحد الموظفين يـُناقشان موضوعاً ما ..
تنبه لوصول رسالة إلى هاتفه .. إستغل إنشغال الموظف بقراءة إحدى الملفات ليخرج هاتفه ويقرأ
الرسالة ( أريد أن أتحدث إليك حقاً .. أنا في المقهى أنتظر قدومك ... )

أغلق الهاتف بعدم إكتراث وعاد يناقش موظفه حتى مرّ الوقت دون أن يشعر به ..


**


المكان حولها مزدحمٌ جداً .. لا أحد هنا يجلس وحدهـ بإستثنائها .. تسترق النظر بإحباط
لساعتها التي تخبرها بمرور ساعتين ونصف على جلوسها هنا ..

توقعاتها عالية بأنه لن يأتي .. لكن بصيصاً من الأمل لازال في داخلها يـُجبرها على الجلوس
بإنتظار قدومه حتى لو متأخراً ..
بعد مرور نصف ساعةٍ أخرى نهضت لدورات المياهـ بعد أن أرسلت له مجدداً
( لا زلتُ أنتظرك ... )


**

" أجل .. لقد تمت دعوته مساء هذا اليوم لتناول العشاء معك .. "
نظر إلى مساعدهـ بملل : ألم نكن سويـّة الأسبوع الماضي .. ؟! لماذا علي أن أجلس معه !!
" هكذا تم ترتيب الجدول من قبل مساعديه .. سيسافر بعد غداً لذا ليس لديه متسع من الوقت
فقط فترة العشاء .. لذا يرغب في إستغلاله لتوقيع العقد معك .. "
أومأ برأسه : حسناً فهمت .. بإمكانك الخروج ...

خرج المساعد بينما أخرج هو هاتفه الذي وصلته رسالة ..
فتحها بملل " مالذي تنتظرهـ هذه الغبية !! ... "

أغلق هاتفه وعاد يـُغرق نفسه في العمل ..
لم يستطع قراءة حرفٍ واحد أمامه ..
نهض يمشي ذهاباً وإياباً في المكتب الواسع يحمل بيدهـ ملفه
ويحاول التركيز فيه .. لكن كل ما يمكنه التفكير به حالياً ..
تلك التي تنتظرهـ منذ عدة ساعات ..

زفر بضيق : فلتنتظر حتى صباح الغد ..
رمى بجسدهـ على الصوفا وأسند قدميه على الطاولة الصغيرة : لديّ ما هو أهم منها الآن ..

وعاد يـُرغم نفسه على القراءة ... مجدداً عاد يأخذ هاتفه حين وصلته رسالةٌ أخرى ..

كان يتوقع أنها تستجعل قدومه لكن الرسالة هذه المرة لم تكن منها ..

إبتسم وهو يقرأ اسم كيفن يعتلي محتوى الرسالة : أوهـ هذا كيفن !

تدريجياً بدأت إبتسامته تختفي من على وجهه وهو يقرأ كلمات باتت أشبه بطلاسم ورموز ..
أقل دقيقة فقط حتى ألقى بالملف بعيداً ونهض يأخذ معطفه وخرج يجري ..

ركب سيارته وحدهـ بعد أن طلب من السائق النزول وقاد بأقصى سرعته بإتجاهـ ذاك المقهى ..

" هذه الغبية !! لنفرض أنني لن آتي حقاً .. هل ستبقى حتى الغد !! ... "

* في غضون ربع ساعة كان يوقف سيارته وينزل سريعاً منها ..
أول شعورٍ داهمه في هذه اللحظة هو آلام في المعدة .. وأن قلبه هوى في حفرةٍ عميقة ..

شعر بالخوف وهو يسمع الصراخ يملئ المكان .. رجال الإطفاء يطوّقون المنطقة بأكملها ..
سيارات المطافي تنتشر حوله .. كاد يفقد عقله حين رأى جـُثثاً مـُغطـّاة يتم إخراجها
من داخل المقهى المحترق ..

لم يعد يسمع التحذيرات بالإبتعاد .. لم يعد يرى شيئاً أمامه ..
جرى محاولاً تجاوز رجال الأمن يريد الدخول ..

سريعاً تم منعه من الإقتراب وأمسك به رجال الشرطة
" المكان خطر .. لا يمكنك الدخول .. "

" يجب أن أدخل .. يجب أن أخرجها دعوني أخرجها قلت لكم ... "

لكن لا أحد سمح له بذلك ..

حاول دفع رجال الأمن والدخول لكنهم زادوا من حصارهـ
صارخين به : سيتم إخراج الجميع توقف عن الإزعاج ..

وأبعدوهـ عن المكان ..

كان موقفاً رهيباً بالنسبة لـ شاان الذي كان يراقب الوضع من بعيد ..
فهو من تجاهلها لعدة ساعات ..

هبّ واقفاً : لايهمني إن ألقيتي اللوم عليّ غيوري .. فلتضربيني إن شئتِ ..
المهم أن تخرجي من هناك بدون أذى ..

هذا ماقاله وهو يجري بإتجاهـ بوابةٍ خلفية للمقهى كانت الحراسة عليها أٌقل من تلك الرئيسية ..
إٍستطاع الدخول بسهولة .. لم يتمكن من الرؤية أمامه ..

الدخان يملئ المكان .. ألسنة اللهب تشوّهـ معالم الطريق من حوله ..
لم يعد يعرف أي طريقٍ عليه أن يسلك ..

تفاجأ بيدٍ تسحبه ليستلقي أرضاً بعدها دوّى إنفجارٌ قوي هزّ المبنى بأكمله ..

ثوانٍ ويسمع أحدهم يقول : هل أنتَ بخير ؟! ..
رفع رأسه ليرى أحد رجال الإطفاء وهو من قام بسحبه ..

وقف شاان سريعاً لكن الإطفائي قال له : لا أحد في الداخل .. أخرجنا الجميع ...

لم يكد الرجل ينهي جملته حتى كان شاان خارج المكان يبحث بين المصابين في الخارج ..
كان عددهم قليلاً جداً .. ولم تكن هي من بينهم ..
تقافزت إلى ذهنه أفكارٌ سوداوية بأن تكون هي من بين المتوفين ..

طرد أفكارهـ سريعاً وهو يستوقف أحد المـُسعفين : هؤلاء فقط المصابين ؟! ..
أتاهـ ردّ المسعف كما يتمنى حين قال : لقد تم أخذ الكثيرين منهم إلى المشفى ..



أمام غرف الطوارئ وقف بذهول تام .. فقد تفقـّد جميع المرضى هنا : لماذا ليست معهم ... !!
هؤلاء هم من تم نقلهم بسبب الحريق .. لماذا ليست معهم .. !!

داهمه الدوار فجأة .. فقد توازنه وإستند على الحائط للحظات ..
أصبحت الرؤية أمامه ضبابية بسبب الدموع ..

" لا يمكن أن تكوني بين المتوفين .. إياك غيوري .. ! "

عاد يتفقد غـُرف الطوارئ علـّه تجاوز إحداها بالخطأ لكنه لم يعثر عليها ..
مشى يجرّ قدميه جرّاً ..ضيقٌ يصيبه بالإختناق .. تمنـّى لو أنه قبل إعتذارها فقط ..

لم يكن عليه إفتعال ذلك المشهد التافه .. فهو من تحدث عنها بالسوء أولاً و إن كان مازحاً ..

إعتقد أنه بتجاهله سيعاقبها ليوم أو يومين .. لم يكن يعلم أنه سيفقدها للأبد ..

تلك الأفكار البشعة تجعل نبضات قلبه تزداد أكثر فأكثر .. لم يحتمل فكرة أنه سيفقدها ..

أنه لن يراها مجدداً .. ستة أشهر أوشكت أن تـُفقدهـ صوابه .. فكيف بـ بقية حياته !! ..

جلس على الرصيف يـُخرج هاتفه وإتصل بـ مساعدهـ : تعال لأخذي لا أعتقد أنني أستطيع القيادة ..





* في طريقها للنزول من الطابق الثالث حيث غرفة الأشعة ..
للتوّ قد أجرت فحصاً لعظام الذراع لخوفها من حدوث كسرٍ فيها ..
رفعت يدها تتأملها .. كانت تختفي تحت طبقات الشاش الأبيض ..
مدّت يدها الأخرى تتحسسها لكنها أبعدتها سريعاً بألم ..

تنهدت بضيق وهي تعبر الممر ناحية البوابة لتخرج : أتمنى أن لايترك الحرق أثراً ..

خرجت من المشفى وتوجهت للشارع تنتظر مرور سيارة أجرة ..

سيارات الإسعاف أمامها لازالت تقوم بإنزال المزيد من المصابين ..
لفت نظرها طفلٌ صغير كان يبكي فوق سريرٍ يدفعه المسعفون ..

شعرت بالشفقة عليه لتسرع نحوهـ وتخرج من حقيبتها قطعة حلوى وتعطيها له
وهمست له بنبرةٍ طفولية مرحة : كـُن قوياً حتى تخرج من المشفى سريعاً ..

قبض الطفل على الحلوى لكنه لازال يبكي ..
كادت أن تبكي هي أيضاً فـ يدها لا زالت تألمها لدرجة البكاء ..
مسحت على شعرهـ من بين دموعها : تحمل يا صغيري ستتشافى قريباً ..



* إنتهى مشهد الصغير أمامها سريعاً وأصبحت محاصرة بين يدي شخصٍ آخر ..
شخص لم تنسى رائحة عطرهـ أبداً ..
كان يحتضنها بقوةٍ كبيرة لم تعهدها من قبل .. لم تتحرك رغم أن يدها آلمتها ..
فقط أسندت رأسها على صدرهـ بهدوء وهي تشعر بشهقاته ..
فـ شاان كان يبكي ..

حرّكت يدها الأخرى تشاركه العناق الذي إستمر لعدة دقائق حتى هدء شاان ..
إبتعدت عنه بعدها ونظرت لوجهه ..

إبتسمت بهدوء وهي تمدّ يدها لتمسح دموعه : هذه الثالثة شاان ..
بصوتٍ تغيـّر من البكاء سألها : ثالثة ماذا !!

هزّت رأسها تنفي سريعاً : لا شيء ..
تنحنحت ثم قالت بعد تردد : أنا آسفة شاان .. ألا زلتَ غاضباً مني ؟! ..

أنزل نظرهـ ناحية يدها الملفوفة ..
رفعها وطبع قبلة على أصابعها المكشوفة ثم إحتضنها بين يديه ..
" إن كنتِ حقاً آسفة فـ إفعلي ذلك مجدداً .. "

حدّقت بوجهه بـ إستغراب .. رأته ينظر إليها بإبتسامته المعتادة
وهمس بمكر :مافعلتهِ في الفندق ..

سحبت يدها مزدردةً لعابها بتوتر وإستدارت مبتعدة وهي تقول : وغد سيء ..

لم يتركها تبتعد أكثر من خطوة واحدة .. سحبها ناحيته سريعاً حتى إلتصقت به ..
قبـّل جبينها ثم نظر إلى وجهها الذي أصبح أحمر
اللون وهمس لها : سأكون وغداً لو تركتكِ تذهبين ..



**

يتبع ...






  رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلة, القمر, يشوف, قلمي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
 
الانتقال السريع


الساعة الآن 08:31 AM.
ترتيب أنيدرا عالمياً
Rss  Facebook  Twitter

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd

منتديات أنيدرا An-Dr للدراما الآسيوية و الأنمي

منتديات أنيدرا